..النضر بن الحارث بن كلدة مثقف عصره في قريش، طاف بلاد الروم
والفرس ونجران وتعلم علومها وعرف اساطيرها وقصصها وتاريخها..يقول ابن هشام
في سيرته انه قد قدم الحيرة، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم
واسبنديار..وكل ما كتب عنه في كتب السير يؤكد انه مثقف و ملم بعلوم عصره
وقصص الاقدمين واساطيرهم .. والتي افسد بها على محمد مزاعم النبوة في طورها
المكي......
وفي المقابل..هناك محمد بن كبشة الديماغوجي، البليغ المفوه ذو النزعة السياسية، الطامح الى السلطة المطلقة والتسلط على رقاب العرب والعجم...والتي يعبر عنها في " سيرة ابن هشام و" الطبقات الكبرى لابن سعد " و غيرهما..عندما ذهب بعض من ملأ قريش يطلبون من ابي طالب ان يلجم محمد عن ازدراء دينهم فقال له : (( يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب ويملكون رقاب العجم )) ...
والكلمة التي كان يريدها محمد هي كلمة ( لا اله الا الله محمد رسول الله ) اذا أسلموا بقيادته وآمنوا بزعامته النبوية، فسيجعل الجزيرة العربية كلها بالاضافة الى بلاد العجم.خاضعة لهم (هاي هتلر)..أهذا كلام نبي لو سلمنا جدلآ بوجود شئ اسمه نبوة، ام هو كلام رجل ذو نزعة سياسية يحلم بالسلطة؟؟
فكان من الطبيعي ان يحدث اصطدام فكري، بين الدعي الذي يروى تلك الاساطير للمكيين بسجع كهان، ويزعم انها من وحي السماء.. وبين المثقف المكي، الذي يعرف حقيقة تلك الاساطير ومصادرها ويعمل على تنوير قومه ،بانها من وحي أهل الارض..
يقول ابن هشام في سيرته (( فكان إذا جلس صلعم مجلسا فذكَّر فيه بالله ، وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله ، خلفه في مجلسه إذا قام ، ثم قال : أنا والله يا معشر قريش ، أحسن حديثا منه ، فهلم إليّ ، فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسبنديار..))
فاذا كانت تلك القصص التي يرويها محمد معيارآ للنبوة، فهو ايضآ يستطيع ان يدعي ذلك، وبامكانه ان يروى افضل منها.(( وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين )) ..
.فتلك السور التي كان يتلوها في المجالس أكيد كانت شبيهة بسور القرآن.. و تأثيرها كان مدمرآ لخطة محمد ولهذا فان محمد لم يتردد لحظة في اعدمه على الفور،عندما وقع في قبضته في غزوة بدر دون بقية الاسرى الذين اطلق سراحهم مقابل فدية.
ولعل اكبر شاهد على الخطر الماحق الذي شكله النضر على محمد ودعوته وقرآنه..هو ان ابن كبشة خصص ثماني آيات بسجعه القرآني للرد على النضر، كما يشير الي ذلك ابن هشام في سيرته..ومن المؤسف جدا و المثير للشك، ان جميع ما كتبه و ما قاله النضر في معارضة و تحدي قرآن محمد شعرآ ونثرآ، قد اندثر! كما اندثرت اشعار الهجاء التي قيلت في محمد من مختلف الشعراء! و لو كانت محاولاتهم فاشلة لاترقى لمستوى التحدي، لاحتفظ بها محمد و بعده اصحابه، كدليل على افحام القرآن بلغاء قريش ..لكن اكيد من كان يحفظ او يردد تلك الاشعار، كان مصيره الموت و لهذا أعدمت اثارها كما اصحابها..
ومع ذلك اتاح المكيون لصلعم فرصة اخيرة ليؤكيد من خلالها نبوته المزعومة، اختبار بسيط كنقطة مفصلية لادعائه..
يقول ابن هشام ان القرشيين بعثوا النضر بن الحارث ومعه عقبة بن أبي معيط الى يهود يثرب، لانهم اهل كتاب وعندهم علم الانبياء، ليسألا عن امر محمد فاقترح اليهود على النضر ان يسألوه ثلاثة اسئلة ان اجاب عليها فهو نبي والا فهو متقول
السؤال الاول ( عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم ؛ فإنه قد كان لهم حديث عجب؟ ) ..والثاني ( عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه ، وسلوه ما هي ؟) ..والثالث ( عن الروح ما هي؟ )
وهنا يشير المستشرق البريطاني مارجليوث في كتابه ( محمد ونهوض الاسلام ) الى انه على قناعة بأن اليهود لم يقترحوا كل الاسئلة، لان السؤال الاول يتعلق بالنائمين السبعة (وهي مجرد أسطورة ) .. فأكيد ان النضر بن الحارث هو واضعها، ،فهو قد اطلع على التوراة والانجيل واساطير الفرس والروم وقصصهم واخبارهم وعلومهم.. ومهما يكن من امر، فان عواقب هذه الاسئلة كانت مدمرة لمحمد ،الذي طلب من المكيين ان يمهلوه لليوم التالي حتى يأتيهم بالاجوبة ...فجاء اليوم التالي وذهب دون ان يفي محمد بوعده...واخذت الايام تمضي وهو عاجز عن الخروج من عجزه....وحزن تحرجا من الاقاويل التي ملأت مكة بانه مجرد متقول وتشير ( السيرة الحلبية ) الى ان الاقاويل كانت تحوم حول يهودي من اليمامة اسمه ( الرحمن )
.. خمسة عشر يومآ كانت كافية ليتصل بمن هم في مقدورهم ان يعينوه في هذه المحنة، ظهر محمد أخيرا بآيات تتضمن اجاباته عن الاسئلة ، مبررا تأخره بعذر ساذج و سخيف..
انه لم يقل ( ان شاء الله ) حين وعد المكيين بالرد في اليوم التالي.. ( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا)..
ثم نأتي للأجوبة المنتظرة بعد طول غياب ..انظروا الى الآية التي يزعم ان الهه قد بعث بها اليه بشأن أهل الكهف:
( سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا)..
اله محمد مرتبك لا يستطيع تحديد العدد الصحيح و هو جوهر الامتحان ! والمضحك انه يقول لمحمد في نفس الآية ( قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ) ..حسنآ، اذا كان هو اعلم بعدتهم فلماذا لايخبرك بعددهم مباشرة بدون مياعة؟! ربما ثلاثة او خمسة او سبعة...وهذا يعني ان محمدآ بعد خمسة عشر يومآ لم يأت بالاجابة الحاسمة و من اعانه على الاجابة قد زوده بمعلومات مشوشة لا تروي ضمأ ...
ولحسن حظ محمد انه مات دون ان يدري ان قصة اهل الكهف هي قصة خيالية أصلا ..و لهذا استبعد المستشرق ان تكون هذه الاسئلة من اعداد اليهود، فقصة النيام السبعة ليست مذكورة في العهد الجديد ولا القديم، ذكرها ارسطور في كتابه الجزء 4 (الفيزياء) يقول أن هذه الأسطورة كانت منتشرة إنتشار كبير بين الوثنيين اليونانيين.. والباحث جون كوخ جون يقول أن الهنود لديهم نفس الأسطورة والصينيين الوثنيين كذلك.. و كانت قد انتشرت في انحاء اوربا كقصة تعليمية وعظية ومن هناك جاءت الى الشرق الادني مع التجار وغيرهم..
وكون القرآن اعتبر أهل الكهف وقصتهم حقيقة ولم يشِر إلى أنها قصة اسطورية، شيء مثير للسخرية فكيف يروي اله محمد في كتابه الرباني قصة خيالية على انها حقيقة تاريخية من قصص الامم السابقة؟ !!
ونأتي الى اجابة محمد عن سؤال الثاني: عن الرجل الطوّاف الذي بلغ مشارق الارض ومغاربها؟ فكانت الاجابة اكثر ضبابية ورخاوة من الاجابة الاولى:
( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْن ...الخ..)
...وهنا عجز محمد ايضآ ان يأتي بالاسم الحقيقي لصاحب اسطورة ذي القرنين وجعل صحابته، وكاتبي سيرته، ومفسري قرآنه، يتخبطون ايما تخبط !
قال ابن اسحق ( أن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر ، اسمه مرزُبان بن مرذبة اليوناني ) وقال ابن هشام ( اسمه الإسكندر ، وهو الذي بنى الإسكندرية فنسبت إليه ) ..و عليآ بن ابي طالب عندما سئل عمن يكون ذو القرنين قال ( كان عبدا ناصحا لله فناصحه دعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات فأحياه الله فدعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات فسمي ذا القرنين )...
اليس كل هذا التخبط دليلآ على ان تلك الآيات لم تأتي بأية فائدة تذكر؟! وفشلت في الاجابة عن السؤال بدقة و قطعية؟!
اما السؤال الثالث وهو ( ما هي الروح ؟ )
تهرب آخر واضح و فاضح ( قل الروح من امر ربي )..الكل يعلم ذلك حتى الوثنيون السؤال عن ماهيتها لا عن مصدرها !!!
سقوط محمد في الامتحان كان مدويآ...فبعد خمسة عشر يوما من الغياب أتى للقرشيين باجوبة ركيكة، عجز فيها ان يعطي الرقم الحقيقي لفتية اهل الكهف الاسطورية ، وفشل في ان يحدد شخصية ذي القرنين الخيالية، و ماهية الروح !!
و لسنا في حاجة الى ايراد شواهد عن التزييف الذي يملأ كتب التاريخ والسير الاسلامية ،عن انتصارات محمد الفكرية الوهمية على القرشيين، وافحامه لهم واستكبارهم بعد ما عرفوا الحقيقة، وما الى ذلك من الترهات..فلو كانوا متكبرين متعالين عن دعوته لما تكبدوا عناء كل هذه الاختبارات و التحديات.. !! و لو كان محمد افحمهم الرد لاحتفظ بتحدياتهم لا ان يحرص على اتلافها كاملة !!! كلنا نعلم ان التاريخ يكتبه المنتصرون و الحقيقة تبقى بين السطور..
فكان من الطبيعي ان يفر الى يثرب بعد فشله هذا ..وكانت يثرب مدينه أمه و أهله ، وكانوا على عداء مع مكة وفي تنافس على سيادة العرب ،فكان ما تكرهه قريش مقبولا في يثرب..وكانوا في حاجة إلى قائد سياسي يصلح بين الأوس و الخزرج و يوحدهم تحت كلمة واحدة ،تلك الكلمة التي عرضها محمد على المكيون فرفضوها.. فكانت المصلحة متبادلة.. و كانت هجرته حركة سياسية بارعة ..
تحول خلالها الى قاطع طريق يرتزق من الغزوات والسلب والنهب والسبي.. بتحالف مع الصعاليك و الاعراب.. لفرض دينه بالاعتداء على الاقليات و وضع السيف على رقاب الناس..
وفي معركة بدر التي يصفها المسلمون بالكبرى، والتي نشبت نتيجة قطع محمد الطريق على قافلة ابي سفيان القادمة من الشام، وقع النضر بن الحارث للأسف في الاسر ضمن سبعين من المكيين...فامر محمد باطلاق سراح كل الاسرى مقابل فدية مالية او تعليم عشرة من اليثربيين الكتابة..واستثني النضر بن الحارث وعقبة بن ابي معيط وامر بقتلهما.. فعقبة بن ابي معيط هو الذي ذهب مع النضر الي يهود يثرب للنظر في امر الامتحان كما تذكر كل كتب السير..
ورد في ( السيرة الحلبية ) ان النضر قال بعد اسره للاسير الذي بجانبه (( محمد والله لقاتلي فانه نظر اليّ بعينين فيهما الموت )) ولكم ان تتخيلوا من هذا القول كمية الحقد و الغل الذي كان يختزنه محمد ضد النضر...وعندما امر عليآ بقتل النضر قال له المقداد ( ان النضر اسيري ) محاولآ الحؤول دون قتله، فاسكته محمد بقوله (( انه كان يقول في كتاب الله ما يقول ))
افرغ (( نبي الرحمة ! )) حقده المسموم وقتله بدم بارد ..فلم ينس ابدآ دور النضر في فشله و فضحه لاساطيره وخرافاته ،التي زعم انها اخبار الامم السابقة التي اوحيت اليه ...ولم ينس ذلك الامتحان المهين الذي كشف بالدليل مزاعم نبوته الكاذبة....وكان يوم قتل النضر بن الحارث هو يوم انتصار السيف والاستبداد والجهل، على العقل والمعرفة والثقافة...كانت بداية انتصار جاهلية الاسلام ...و ادعاء الباطل بعد انتصاره انه الحق.
وما يزال ذلك السيف مسلطآ منذ 14قرنا ،على كل من يفكر تفكيرآ حرآ ويقول مثل النضر بن الحارث ( تلك اساطير الاولين )
ان العصر الذي عاش فيه محمد كان عصر الفروسية في الشرق و الغرب ،وكان من اخلاقيات الفرسان ان الواحد منهم اذا ما ظفر بخصمه ووقع في قبضته لا يقتله...فاين محمد من اخلاقيات فرسان ذلك الزمان؟ او حتى من فرسان عصرنا الراهن من امثال مانديلا؟ الذي عفا عن جلاديه الذين سجنوه حوالي ربع قرن بعد ان جاء الى السلطة!!
نبي يزعم الرحمة فشل في ان يكون باخلاقيات الفرسان فضلا عن اخلاقيات اي انسان ..
بقلم اﻷخت ليليا شوقي
https://plus.google.com/110604010947901486172
0 التعليقات:
إرسال تعليق
جعلنا امكانية التعليق متاحة للجميع بما فيهم من يريد ان يخفي هويتة ( مجهول )